ضغطة زر… ومعرفة جاهزة ديانا نبيل أبوحمد
الرؤيا – ضغطة زر … ومعرفة جاهزة : هل انتهى زمن الباحث الحقيقي ؟ أصبح الوصول للمعلومة لا يحتاج منا سوى (ضغطة زرّ)، ولم يعُد الباحث الأكاديمي يقوم برحلة استكشافية كما كان يقوم بها في السابق، حيث باتت المعرفة في عصر الذكاء الاصطناعي تُقدّم على طبق (من الخوارزميات)، تقوم هذه الخوارزميات بالترحيب فيك، والسؤال عن يومك، ويُسرع إليك سائلًا: أنا بخير اليوم، 💬 كيف يمكنني مساعدتك اليوم؟.
أو: 🙋♀ هل ترغب في مناقشة موضوع محدد؟.
إلا أننا وفي عصر تداخلت فيه أدوات الذكاء الاصطناعي مع التعليم، برز السؤال بشكل مُلّح: هل بقيت الكتابة الأكاديمية على أصالتها، أم هددّ الذكاء الاصطناعي جوهرها؟بتنا نعتمد بشكل مُفرط على محركات البحث في شبكة الإنترنت مثل “جوجل” و”فايرفوكس” بدلًا من ارتياد المكتبات، والبحث في أمهات الكتب، وأخذ الإنغماس في استخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي يزداد يومًا بعد يومًا دون رقابة، أو وعي بأخلاقيات الذكاء الاصطناعي، فجميعنا نُدرك أهمية وصول الطلبة باختلاف مراحلهم الدراسية إلى المعرفة بشكل مستمر خلال اليوم، ولكن هل من الممكن أن يُصبح الوصول إلى المعرفة بهذه السهولة المُفرطة؟. وكطالبة دراسات عُليا، أُقدّر فوائد الذكاء الاصطناعي خاصة في العلوم والرياضيات، وفي دمج أدواته للتأكد من الحقائق، أو محاكاة التجارب عبر الواقع الإفتراضي، ولكن ماذا عن العلوم الإنسانية والاجتماعية! فهل ستؤثّر على مهارات التفكير، والنقد، والتحليل، والتي لطالما سعى المعلمين لتنميتها في مدارسنا!لم يعُد يُفاجئني ذلك الزخم في وجود أدوات الذكاء الاصطناعي التي تُروّج لها الشركات التقنية، على أنها وسيلةٌ جيدة لتُوفير وقت الطلبة، وتحسين جودة كتابتهم الأكاديمية، ولكن ماذا عن مصداقية معلوماته، ومشكلاته الأخلاقية.من الممكن أن يكون الذكاء الاصطناعي أداة جيدة للعديد من السياقات الأكاديمية، كتوليد الأفكار الأساسية لبعض التقارير، أو تزويد الباحثين بروابط الأوراق العلمية على شبكة الإنترنت، إلا أنّ استخدامه المُفرط من قِبل الطلبة والذي نراه اليوم، من الممكن أن يُهدد جودة الكتابة الأكاديمية، ويُضعف من مهاراتهم البحثية.
فعندما يعتمد الطالب على أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي مثل منصة (ChatGPT, DeepSeek) لكتابة مقال، فهو لا نستعين بمصادر خارجية فقط للمعرفة، بل سينتهي به الأمر إلى تدني مهاراتهم البحثية، وقدراتهم التحليلىةومن جهة أخرى أصبح طالب الدراسات العليا لا يحتاج وقتًا طويلًا، أو السهر حتى ساعات الليل المتأخر، في البحث بين صفحات الكتب، وقراءة الدراسات، ولا حتى التأمل العميق في محتوى النصوص والمراجع، بل ولم يعد الطالب بحاجة لإجراء تحليلاته وتسليط الضوء على النقاط المهمة، لأن كل ما يحتاجه الآن بات يتدّفق إليه عبر واجهات المحادثة، تُمنح له دون عناء يُذكر. فهذه الراحة الظاهرية المُغرية في الوصول إلى المعلومة، ستسحب من من أيدينا بشكل تدريجي لذّة البحث عن المعلومة، ومتعة الاسكتشاف، وروح التساؤل، وهي قيم جوهرية في المسيرة الأكاديمية، فقد نصل إلى زمن تُنتج فيه الآلة الفكرة، وتُحرر النص، وتُدقّق الأسلوب، بينما يكتفي الإنسان بلعب دور الناقل أو المصدّق.للذكاء الاصطناعي دورًا كبيرًا كقوة تحويلية في البحث العلمي، حيث أحدث ثورة في طريقة تعامل العلماء مع المشكلات المعقدة وتحليل مجموعات البيانات الضخمة، إذ تُعززّ الأنظمة الذكية تحليل البيانات، وتُسهل من عملية اختبار، كما طوّر الذكاء الاصطناعي تقنيات تحليل البيانات بشكل ملحوظ، ومكّن الباحثين من معالجة وتفسير مجموعات بيانات ضخمة ومعقدة بسرعة ودقة غير مسبوقتين، وفي نفس الوقت أثبتت خوارزميات التعلم الآلي، كنماذج التعلم العميق، فعاليتها الاستثنائية في تحديد الأنماط واستخلاص رؤى قيّمة من البيانات متعددة الأبعاد.
جميعنا نُدرك أن أدوات الذكاء الاصطناعي أتاح العديد من الفرص، التي لم تكن موجودة من قبل، وسهّلت وصولنا للمعلومات، بشكل سريع وسهل، إلا أنّ التحدي الأكبر هو في في المحافظة على جوهر العملية الأكاديمية، والكتابة الأكاديمية: التفكير، التحليل، النقد، البحث، بناء المعرفة، وليس فقط استهلاكها.
فالذي يبني العقول هو في الرحلة البحثية ذات المعاناة والجهد، لا الخوارزميات!!.
بقلم: ديانا نبيل أبوحمد
أخصائية تقنيات التعليم الإلكتروني والذكاء الاصطناعي في التعليم
مدير تربية الموقر يرعى احتفال مدرسة الهاشمية الأساسية للبنين بعيد الاستقلال
Facebook Twitter Pinterest LinkedIn الرؤيا رعى مدير التربية والتعليم للواء الموقر الدكتور …